0 / 0

توفي والدهم ويعيشون في الغرب والمحاكم الوضعية تعطي الأم نصف منزل الزوجية فما الحكم؟

السؤال: 197580

مات أبونا رحمه الله في عام 2000 ، وترك لنا: أي أمي ، وأربع إخوان ، وأخت منزلا كبيرا . وما زالت أمي تعيش في البيت مع إخواني الثلاثة ، والباقي قاموا بالتأجير في أماكن أخرى . والآن ترغب والدتي منا أن نبيع المنزل ؛ لأنها الآن فوق الخمسين من عمرها حفظها الله ، ولا يمكنها أن تحافظ على البيت لا مادياً ولا بدنياً ، وهي متعبة جداً ، وترغب أن يقوم أخي الذي هو في التاسعة والعشرين أن ينعزل ، وترغب في أن تشتري بيت صغيراً وتقوم بالانتقال إليه هي وإخواني الصغار ، إن شاء الله .

وبسبب وجود اثنين من الإخوة يرغبان في أن يأخذا نصيبهما من بيع المنزل .
سؤالي عن حكم تقسيم ثمن البيع ، هنا في بلجيكا تأخذ المرأة التي مات عنها زوجها نصف ثمن المنزل ، وذهبت أمي للسؤال عن هذا ، ولديها النية في شراء منزل أصغر بنصف ثمن المنزل الكبير .

في النهاية هي أمنا ، ونحن يمكننا أن نعطيها هذا المبلغ حتى تشعر بالسعادة .

وهنا في بلجيكا يجب عليك أن تدفع ضرائب على ثمن البيع ، ونريد أن نسجل نصف الثمن من البيع فقط ، لنتجنب الضرائب .

فما الواجب علينا أن نفعله تجاه خالقنا ، وتجاه أمنا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
النصيب الشرعي لأمكم في تركة والدكم ، المنزل وغيره مما تركه : هو الثمن فقط ؛ لقول الله تعالى : ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/12 ، وهذا أمر مجمع عليه ، معروف مشهور في الأمة .
ولا يحل لمسلم ولا مسلمة أن يطلب قسمة أخرى ، سوى قسمة الله جل جلاله ، طلبا لزيادة نصيبه ، أو النقصان من نصيب غيره ؛ وقد توعد الله من تعدى حدوده في قسمة المواريث وغيرها من الحدود الشرعية بالعذاب الأليم ، فقال تعالى بعد ذكر أنصبة المواريث : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/12-13.

والواجب عليكم أن تبينوا لأمكم ذلك الأصل الشرعي ؛ وتبينوا لها تحريم تعدي حدود الله ، وأن هذا أصل عقدي كبير : أن يرضى العبد بحكم الله وقسمه لعباده ، وألا يتحاكم في صغير ولا كبير إلى شيء من قوانين البشر ، وعاداتهم وتقاليدهم ؛ فإن من مقتضيات الإيمان العظيمة : أن يستسلم استسلاما تاما لحكم الله وحكم رسوله ، على ما وافق هواه أو خالفه .
قال الله تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65 ، وقال تعالى : ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) النور/47-52 .

ثانياً:
لا يجوز لكم اللجوء إلى المحاكم الوضعية الكافرة ، بل الواجب عليكم الذهاب لأقرب المراكز الإسلامية الموثوقة ، والتي يقوم عليها أهل العلم والسنة ، ولعل ذلك مما يساعدكم في إقناع أمكم ، وبيان وجه الصواب لها ، وتحريم اللجوء إلى القوانين الوضعية ، أو التحاكم إلى محاكمهم .
وإذا قدر أن شيئا من إجراءات نقل الملكية ، أو البيع والشراء ، يستلزم تصديق المحكمة على ذلك كله : فالواجب أن يكون التحاكم إلى هذه المحاكم بينكم أمرا صوريا فقط ، وأما ما حكمت فيه هذه المحاكم : فلا يحل الرضا به ، ولا قبوله ، ولا التزامه ، إلا إذا كان موافقا لشرع الله .

ثالثاً:
إذا كان هناك من الورثة من يرغب في الحصول على نصيبه : فله ذلك ، فيقسم المنزل القسمة الشرعية ، ثم يأخذ كل منكم نصيبه ، ومن رغب في التنازل عن نصيبه أو شيء منه لأمه : فله ذلك ، إلا أن ذلك لا يلزم الباقين .
وإنما الذي يلزمكم تجاه والدتكم : أن توفروا لها منزلا يليق بمثلها ؛ فإن كان ما تملكه هي من مال ، من نصيبها في الميراث ، أو كان لها مال غيره : يكفي لشراء منزل يناسبها : فلها أن تشتري من مالها ، ولا يُلزم أبناؤها بشراء ذلك من مالهم ، إلا أن يتطوعوا بشيء من ذلك .
فإن لم يكف مالها لذلك : فالواجب عليكم أن توفروا لها منزلا مناسبا ، لكن لا يلزم أن يكون ذلك شراء ، بل إما أن تعينوها في الشراء ، أو تعينوها في استئجار ذلك ، متى عجز مالها عن شيء من ذلك .

على أن الأمر كما قلتَ : هي أمكم ، ولا يمكن أن يتم الأمر بينكم بطريقة التقاضي ، والمشاحة في الحقوق ، وإنما الواجب عليكم إن تجتهدوا في إرضائها ، وتيسير سبل راحتها ، بكل ما يمكنكم ، ولا يجحف بحقوقكم وأموالكم ، فتلطفوا معها ، وتلطفوا لها في بيان الحق والصواب في ذلك ، وتوفير ما تحتاجه .

رابعا :
الذي ينبغي على المسلم أن يحرص على الصدق في معاملاته ، وأن يعلم أنه في مثل هذه البلاد على ثغرة من دينه ، وأن أهلها يرونه صورة لدينه ، فلا يليق به أن ينقل لهم صورة عن الإسلام وأهله : ظاهرها الغش ، والخداع ، ونقض العهود ، حتى ولو ترتب على صدقكم : نوع من الغرامة المالية ، أو الخسارة ، أو دفع شيء من الضرائب ، لا سيما إذا كان عائد هذه الضرائب يعود على عموم الناس ، بما فيهم أنتم ، فتصرف في خدماتهم ، أو إعانات البطالة ، أو إصلاح المرافق التي تنتفعون بها ، أو نحو ذلك .

وينظر جواب السؤال رقم : (5218) ، ورقم : (52810) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android