0 / 0

هل يجوز أن يقال ” أصبت بالزكام بسبب تغيرات الجو ” ؟

السؤال: 194533

ما حكم أن يقول شخص لشخص آخر أصيب بالزكام : أصبت بالزكام بسبب تغيرات الجو ?

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

تقدم في جواب السؤال رقم : (105349) بيان أن للأسباب تأثيرا في مسبباتها ، وجودا وعدما ، من حيث جعل الله تعالى فيها قوة التأثير ، ثم السبب ، ومسببه : كل ذلك مخلوق بقدرة الله تعالى ، فإن شاء أمضى تأثيره ، فوقع المسبب ، وإن شاء منع ذلك ؛ فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وليس للأسباب ، ولا لغيرها من المخلوقات تأثير في شيء من كون الله وخلقه ، على جهة الاستقلال ، بل الكل مربوب له سبحانه ، مسير بأمره الكوني .

وتغيرات الجو التي ذكرتها : هي سبب من الأسباب التي جعل الله فيها قوة التأثر ، وإحداث ما يجد الناس من الزكام ونزلات البرد ؛ وربط المسببات بأسبابها هو مقتضى الحكمة التي يتصف بها الرب تعالى .

فمن قال إن تغير الجو سبب من أسباب حصول الزكام ، معتقدا أن هذا من تقدير الله : فقد أصاب ، ولا حرج عليه فيما قال أو اعتقد من ذلك .

لكن الخطأ في ذلك أن يعتقد أن السبب مؤثر بذاته ، أو يرد الأمر إليه ، ويغفل عند تقدير الله وخلقه ، وحكمته في كونه .

ومثل ذلك في الخطأ أيضا : أن ينفي تأثير الأسباب في مسبباتها ، التي جعله الله سببا لها .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الناس في الأسباب طرفان ووسط :
فالطرف الأول : نفاة أنكروا تأثير الأسباب ، وجعلوها مجرد علامات يحصل الشيء عندها ، لا بها، حتى قالوا : إن انكسار الزجاجة بالحجر ، إذا رميته به : حصل عند الإصابة ، لا بها .
وهؤلاء خالفوا السمع ، وكابروا الحس ، وأنكروا حكمة الله تعالى في ربط المسببات بأسبابها .
والطرف الثاني : غلاة أثبتوا تأثير الأسباب ، لكنهم غلوا في ذلك وجعلوها مؤثرة بذاتها .
وهؤلاء وقعوا في الشرك ، حيث أثبتوا موجدا مع الله تعالى ، وخالفوا السمع ، والحس ، فقد دل الكتاب ، والسنة ، وإجماع الأمة على أنه لا خالق إلا الله ، كما أننا نعلم بالشاهد المحسوس أن الأسباب قد تتخلف عنها مسبباتها بإذن الله ، كما في تخلف إحراق النار لإبراهيم الخليل حين ألقي فيها فقال الله تعالى : ( يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) الأنبياء/69 ، فكانت بردا وسلاما عليه ولم يحترق بها.
وأما الوسط : فهم الذين هدوا إلى الحق ، وتوسطوا بين الفريقين ، وأخذوا بما مع كل واحد منهما من الحق ، فأثبتوا للأسباب تأثيرا في مسبباتها ، لكن لا بذاتها بل بما أودعه الله تعالى فيها من القوى الموجبة " .
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (4 /207-208) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android