0 / 0

تزوجها بشرط أن يطلقها بعد سنتين فما حكم نكاحه ؟ وماذا يلزمه ؟

السؤال: 186851

أنا طالب مسلم في بلاد أجنبية ، تزوجت بامرأة مسلمة من هذا البلد ، وبعقد صحيح وبوجود شهود ، وكان الاتفاق بيننا على أن الزواج هذا لن يدوم ، وبرضى الطرفين على أن أطلقها بعد إكمالي للدراسة بعد سنتين ، ووافقت هي على ذلك ، مع العلم أن هذا الاتفاق لم يذكر في العقد أبدا ، بل كان عقدا سليما ، رغم أني أعطيتها نسبة ضيئلة جدا من الأمل في إمكانية الاستمرار في المستقبل ، ولهذا كان الوالي هو الحاكم نفسه ، لأن والدها ووالد والدها متوفيان ، ولم تحضر أحد أعمامها خوفا من عدم استمرار الزواج في المستقبل ؛ فكان زواجنا سرا .
والآن مازلنا متزوجين لأكثر من سنتين ، المدة التي كنا نظن أن نفترق فيها عدت بكثير ، والآن ننوي مواصلة الزواج بدون أي توقيت ، كزوجين طبيعيين ، رغم أن الطلاق قد وقع مره .

فهل العقد صحيح رغم ما اتفقنا عليه في بداية الأمر من التوقيت ؟

وهل يعتبر هذا الزواج صحيحا بولاية الحاكم ؟ وهل يقع الطلاق فيه ؟
وماذا يلزمنا الآن أن نعمل إن عزمنا على مواصلة الزواج ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
إذا حصل الاتفاق بين الزوجين أو بين الزوج وولي المرأة على أن النكاح مؤقت بمدة معلومة كالسنة والسنتين أو مجهولة وكان ذلك في صلب العقد ، أو قبله : كان النكاح باطلاً ؛ لأنه نكاح متعة ولو استوفى فيه شروط النكاح وأركانه .

جاء في ” المغني ” (7/136) : ” ( ولا يجوز نكاح المتعة ) معنى نكاح المتعة أن يتزوج المرأة مدة , مثل أن يقول : زوجتك ابنتي شهراً , أو سنة , أو إلى انقضاء الموسم , أو قدوم الحاج . وشبهه , سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة ، فهذا نكاح باطل ، نص عليه أحمد , فقال : نكاح المتعة حرام …
وهذا قول عامة الصحابة والفقهاء ، وممن روي عنه تحريمها : عمر , وعلي , وابن عمر , وابن مسعود , وابن الزبير ، قال ابن عبد البر: وعلى تحريم المتعة مالك , وأهل المدينة , وأبو حنيفة في أهل العراق , والأوزاعي في أهل الشام , والليث في أهل مصر , والشافعي, وسائر أصحاب الآثار .. ” انتهى .

ومن نكاح المتعة : أن يعقد عليها بشرط أن يطلقها عند انقضاء المدة ، سواء كانت معلومة أو مجهولة .
جاء في ” كشاف القناع ” (5/97): ” وهو [ نكاح المتعة ] أن يتزوجها إلى مدة ، معلومة أو مجهولة ، مثل أن يقول الولي : زوجتك ابنتي شهرا أو سنة ، أو زوجتكها إلى انقضاء الموسم ، أو إلى قدوم الحاج وشبهه ، معلومة كانت المدة أو مجهولة..
.. وإن شرط الزوج في النكاح طلاقها في وقت ولو مجهولاً فهو كالمتعة ؛ فلا يصح .. ” انتهى.
وينظر: ” الموسوعة الفقهية” (41/344) .

وسواء ذكر هذا الشرط في نفس العقد ، أو لم يذكر ، ما دام قد حصل الاتفاق عليه ، أو كان هذا متعارفا عليه في مثل هذا النكاح ؛ فالحكم في ذلك كله واحد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو يتحدث عن بطلان نكاح التحليل :
” وَسَوَاءٌ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ , أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ , أَوْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ لَفْظًا بَلْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْخِطْبَةِ وَحَالِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَهْرِ نَازِلًا بَيْنَهُمْ مَنْزِلَةَ اللَّفْظِ بِالشُّرُوطِ .. ” .
انتهى من “بيان الدليل على بطلان التحليل” (6) .
وقال : ” فَإِنَّ الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَارَنَةِ إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً , وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهَا , وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً أَثَّرَتْ فِي الْعَقْدِ ” انتهى (500) .
وينظر أيضا : “القواعد النورانية” (302-303) .

ثانياً:
ولاية نكاح المرأة على الترتيب ؛ فوليها : أبوها ثم جدها ثم ابنها ثم أخوها ثم عمها ثم الأقرب فالأقرب ، فإن لم يوجد لها قريب : زوجها الحاكم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ ) رواه أبو داود (2083) وصححه الشيخ الألباني.

فإن زوجها القاضي مع وجود من هو أهل للولاية من أقاربها : لم يصح عقد النكاح ؛ لأن فيه افتئاتاً عليهم .
قال ابن قدامة في “المغني” (7/22) : ” إذا زوجها الولي الأبعد , مع حضور الولي الأقرب , فأجابته إلى تزويجها من غير إذنه , لم يصح ، وبهذا قال الشافعي ..” انتهى .

وقال الحجاوي في زاد المستنقع : ” وَإِنْ زَوَّجَ الأَبْعَدُ ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ : لَمْ يَصِحَّ “
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (12/45) :
” وإن زوج الأبعدُ أو أجنبيٌ من غير عذرٍ لم يصح “: يعني والأقرب موجود ، وأهل للولاية ، فإن النكاح لا يصح ؛ لأن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ” إلا بولي” وصف مشتق من الولاية ، فيقتضي أن يكون الأحق الأولى فالأولى .. ” انتهى .

وسئل رحمه الله : ” امرأة عقد لها ابنها مع وجود أبيها ، ما حكم هذا العقد ؟
فأجاب: “ننظر أيهما أولى أن يزوج المرأة أبوها أو ابنها ؟
الجواب : أبوها ، هو الذي يزوجها ؛ فإذا زوجها ابنها مع وجود الأب : فإن كان الأب في مكان بعيد لا يمكن مراجعته : فلا حرج ، أو كان الأب منعها أن يزوجها من هذا الشخص الذي رضيته ، وهو كفء في دينه وخلقه : فلا بأس أن يزوجها ابنها ، أما إذا كان الأب حاضراً ولم يمتنع فالعقد غير صحيح وتجب إعادته ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” لقاء رقم : (159).

وإذا تقرر بطلان النكاح وجب مفارقة المرأة فوراً ، ثم إن رغب كلٌ منكما بالآخر : وجب إعادة عقد النكاح بالشروط المعتبرة من ولي وشهود.
وللاستزادة في معرفة شروط النكاح ينظر جواب سؤال رقم : (2127).

رابعاً:
الطلقة التي أوقعتها تحسب من عدد الطلقات ؛ لأنك طلقتها في نكاح تعتقد صحته .

جاء في ” كشاف القناع ” : (5/237): ” ويقع الطلاق في النكاح المختلف في صحته ، كالنكاح بولاية فاسق ، أو النكاح بشهادة فاسقين أو بنكاح الأخت في عدة أختها البائن أو نكاح الشغار ، أو نكاح المحلل أو بلا شهود أو بلا ولي وما أشبه ذلك ..” انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” وأما النكاح المختلف فيه فلا يخلو من حالين :
الأولى : أن يرى المتزوج صحته ، فإن رأى صحته فإن الطلاق يقع ولا إشكال في ذلك ، مثاله: رجل تزوج امرأة رضعت من أمه ثلاث رضعات ، وهو يرى أن الرضاع المحرم خمس رضعات، فالنكاح في رأيه صحيح ، فهذا يقع فيه الطلاق بلا شك .
وكذلك لو تزوج امرأة بدون شهود وهو يرى أن الشهادة في النكاح ليست بشرط فالطلاق يقع .
الثانية : أن لا يرى المتزوج صحة النكاح ، فاختلف أهل العلم في وقوع الطلاق ، فقال بعضهم: إنه يقع فيه الطلاق ، وقال بعضهم: إنه لا يقع ، فالذين قالوا: لا يقع ، قالوا: لأن الطلاق فرع عن النكاح ، وهذا لا يرى صحة النكاح فلا يقع الطلاق منه ، وهذا تعليل جيد لا بأس به، والذين قالوا : إنه يقع ، قالوا: لأنه وإن لم ير هو صحة النكاح ، لكن قد يكون غيره يرى صحته، فإذا فارقها بدون طلاق ، وأتاها إنسان يرى صحة النكاح : فلن يتزوجها ، فالطلاق يصح في النكاح المختلف فيه ، وإن لم ير المطلق صحته ؛ لأنه إذا لم يطلق فسوف يعطل هذه المرأة.
فإذا قال قائل: لماذا يقع الطلاق وهو لا يرى أن النكاح صحيح ، والطلاق فرع عليه؟
قلنا: من أجل أن لا يحجزها عن غيره ؛ لأنه قد يريدها من يرى أن النكاح صحيح ، فإذا لم يطلقها هذا الزوج ، لن يتزوجها غير ه؛ لأنه يرى أنها لا زالت باقية في عصمته ” .
انتهى من ” الشرح الممتع “(13/24).

والحاصل : أنه يجب عليك اجتناب هذه المرأة لعدم صحة النكاح ، فإن رغب كلٌ منكما بالآخر وجب تجديد العقد بالشروط المعتبرة ، من غير أن تطلقها .
فإن لم توجد الرغبة في تجديد عقد النكاح : وجب تطليقها طلقة واحدة ، لتحلها لغيرك ، على ما تقدم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android