أولا :
قال الله عز وجل :
( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) السجدة/ 5
قال ابن كثير رحمه الله :
" ترفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا، ومسافة ما بينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وسمك السماء خمسمائة سنة.
وقال مجاهد، وقتادة، والضحاك : النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام، وصعوده في مسيرة خمسمائة عام، ولكنه يقطعها في طرفة عين؛ ولهذا قال تعالى: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6 /359) ، وينظر:"تفسير البغوي" (6 /300) .
ومثل هذا الغيب لا بد من التسليم فيه للنص الشرعي إذا ثبت فيه ، ولا يقال لم ؟ ولا يقال كيف ؟ لأن الله تعالى على كل شيء قدير ، وقد أحاط بكل شيء علما ، لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض ، ولا يُسأل عما يفعل .
وإذا كان الواحد منا اليوم يمكنه أن يتصل بمن في أقصى الأرض فيراه ويسمع صوته في ذات الوقت ، وإذا كنا نشاهد على شاشات التليفزيون المشاهد وقت حصولها وحدوثها وبيننا وبينها آلاف الأميال ، فكيف نتساءل أو نتعجب لنزول الملائكة من السماء ثم صعودها في يوم واحد ، وذلك لا يحصل إلا بإذن الله تعالى وقدرته .
ثم انظر إلى ما أمكن الله عباده منه الآن من السفر بالطائرات على اختلاف أنواعها ، ومركبات الفضاء : هل كان الناس يتصورن قديما أن البشر يسافرون في مثل هذا ، ويقطعون المسافات بتلك السرعة ؟!
وأين تقع قدرة البشر بالنسبة إلى قدرة الله العلي القدير سبحانه ، وهو العزيز الغالب الذي لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض ، وهو القائل : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) البقرة/ 117 ، وقال سبحانه : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) النحل/ 40 ، فلا يستعصي عليه شيء ، ولا يمتنع منه .
والملائكة إنما تنزل وتصعد بأمر الله ، فهو سبحانه الذي أقدرهم على ما أقدرهم عليه من الأعمال والتكاليف .
والملائكة خلق عظيم لا يقدر قدره إلا الله . ولهم من الإمكانات والقدرات ما لا يحيط به علم عالم من البشر .
وهذا ملك الموت عليه السلام يقبض أرواح الخلائق في لحظة ، ومنهم من هو في أقصى الغرب ومنهم من هو في أقصى الشرق .
فإذا علمت أن هذه القدرة إنما خصهم الله بها ، ولولا الله ما قدروا على فعل شيء ، فهي في الحقيقة منسوبة إليه سبحانه زال عنك العجب .
راجع إجابة السؤال رقم : (843)
ثانيا :
اليوم في اللغة مِقدارُه من طلوع الشمس إِلى غروبها .
وقد يُرادُ باليوم في لغة العرب : الوقتُ مطلقاً ؛ أيا كان قدره ، ومنه الحديث ( بين يديّ السّاعة أَيّامُ الهَرْج ) رواه البخاري (7067) ومسلم (2672) أَي وقتُه ، ولا يختص ذلك بالنهارِ دون الليل . راجع : "لسان العرب" (12 /649)
وجاء في "المصباح المنير" (2/683) : " والعرب قد تطلق ( اليَوْمَ ) وتريد الوقت والحين نهارا كان أو ليلا ، فتقول : ذخرتك لهذا اليوم ؛ أي : لهذا الوقت الذي افتقرتُ فيه إليك ، ولا يكادون يفرقون بين : يومئذ ، وحينئذ ، وساعتئذ " انتهى .
فإذا كانت اللغة تدل على أن اليوم ربما أرادت به العرب : مطلق الفترة والوقت ، فقد ورد بذلك الإطلاق أيضا في الاستعمال الشرعي ؛ فلا تعارض إذاً بين اللغة وما جاء في الشرع .
وما أحسن ما رواه الطبري رحمه الله في "تفسيره" (13/602) بسند صحيح عن ابن أبي مليكة، أن رجلا سأل ابن عباس عن يوم كان مقداره ألف سنة، فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ؟ قال: إنما سألتك لتخبرني، قال: " هما يومان ذكرهما الله في القرآن، الله أعلم بهما " فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم.
راجع إجابة السؤال رقم : (146979)
ثالثا :
الزواج لطلب العفاف ، سبب من أسباب حصول الرزق لصاحبه ، بإذن الله وتقديره ؛ قال الله تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ) رواه الترمذي (1655) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .
ينظر : لمعرفة المزيد عن هذه المسألة إجابة السؤالين رقم (136076) ورقم (136885)
والله أعلم .