0 / 0

قصة المرأة التي رأت نور النبوة في وجه عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال: 178995

ما صحة قصة المرأة التي كانت ترى النور في وجه أبي النبي عبد الله قبل أن تحمل آمنة بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذه القصة والتي مفادها أن امرأة رأت نور النبوة في وجه عبد الله بن عبد المطلب أبي النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعته إلى نفسها ، فحال الله بينها وبين حصول ذلك :
هي قصة مشهورة مروية في عامة كتب السيرة ودلائل النبوة ، ولها طرق وأسانيد متعددة ، ولكن عامة أسانيدها واهية ، وإليك البيان :
– روى أبو نعيم في “دلائل النبوة” (ص131) وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (3/404) والخرائطي كما في “البداية والنهاية” (2 /308) من طريق مُحَمَّد بْن عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ” لَمَّا خَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِابْنِهِ لِيُزَوِّجَهُ ، مَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ أَهْلِ تُبَالَةَ مُتَهَوِّدَةٍ ، قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ الْخَثْعَمِيَّةُ، فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ : يَا فَتَى، هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ ، وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ :
أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ * وَالْحِلُّ لَا حَلّ فَأَسْتَبِينَهْ * فَكَيْفَ لِي الْأَمْرُ الَّذِي تَبْغِينَهْ
ثُمَّ مَضَى مَعَ أَبِيهِ، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ نَفْسَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْخَثْعَمِيَّةُ ، فَأَتَاهَا، فَقَالَتْ : يَا فَتَى، مَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، قَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ فِيَ وَجْهِكَ نُورًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ ، وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُصَيِّرَهُ حَيْثُ أَحَبَّ .
وهذا إسناد ضعيف لا تقوم به الحجة :
مسلم بن خالد قال ابن المديني ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث ، وقال أبو حاتم لا يحتج به ، وضعفه أبو داود . ينظر : “ميزان الاعتدال” (4/102) .
وابن جريج مدلس وقد عنعنه ، وقال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح . ينظر : “تهذيب التهذيب” (6 /359) .

– ورواه البيهقي في “دلائل النبوة” (1/107) أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْلَمَة بْن عَلْقَمَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بمعناه .
ومسلمة بن علقة قال الإمام أحمد وزكريا الساجي : حدث عن داود بن أبي هند أحاديث مناكير ، وقال العقيلي : له عن داود مناكير وما لا يتابع عليه من حديثه كثير . وذكر له ابن عدي أحاديث وقال وله غير ما ذكرت مما لا يتابع عليه .ينظر : “تهذيب التهذيب” (10 /132) .
وهذا من روايته عن داود كما ترى فهو من مناكيره .
وعبد الوارث بن إبراهيم لم نعثر له على ترجمة .
وابن قانع كان قد اختلط ، راجع : “لسان الميزان” (3 /383) .

– ورواه ابن سعد في “الطبقات” (1/ 78) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ الْمَدَنِيَّ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَبَا رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَتَى عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ فَرَأَتْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا سَاطِعًا إِلَى السَّمَاءِ … فذكر معناه .
وهذا إسناد صحيح ، لكنه مرسل .

– وله شاهد يرويه أبو نعيم في “دلائل النبوة” (ص: 130) من طريق أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ ، به .
وهذا إسناد واه ، محمد بن عبد العزيز قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف. ينظر : “ميزان الاعتدال” (3 /628) .

– ورواه أبو نعيم في “دلائل النبوة” (ص: 131) من طريق يَعْقُوب بْن مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ به .
ويعقوب بن محمد الزهري تالف ، قال أحمد ليس يسوي شيئا ، وقال أبو زرعة واهي الحديث ، وقال ابن معين أحاديثه تشبه أحاديث الواقدي – والواقدي متهم – وقال الساجي منكر الحديث
“تهذيب التهذيب” (11 /348) .

– ورواه ابن سعد في “الطبقات (1/77 ) أخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا عَرَضَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ.
قَالَ ابن سعد : وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي الْفَيَّاضِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِامْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَشَبِّهِ وَأَعَفِّهِ. وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ. وَكَانَ شَبَابُ قُرَيْشٍ يَتَحَدَّثُونَ إِلَيْهَا. فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ .
وهشام بن محمد وأبوه متهمان . راجع “ميزان الاعتدال” (3/556) ، “لسان الميزان” (6/196) .

– ورواه ابن سعد أيضا (1/77) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ .
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ.
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالُوا جَمِيعًا: هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ نَوْفَلٍ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَتْ تَنْظُرُ وَتَعْتَافُ ، فَمَرَّ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَدَعَتْهُ يَسْتَبْضِعُ مِنْهَا وَلَزِمَتْ طَرَفَ ثَوْبِهِ ، فَأَبَى وَقَالَ : حَتَّى آتِيَكِ ، وَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى الْمَرْأَةِ فَوَجَدَهَا تَنْظُرُهُ .، فَقَالَ: هَلْ لَكِ في الذي عرضت علي؟ فقالت: لا ، مَرَرْتَ وَفِي وَجْهِكَ نُورٌ سَاطِعٌ ثُمَّ رَجَعْتَ وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ النُّورُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَتْ مَرَرْتَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ وَرَجَعْتَ وَلَيْسَ هِيَ فِي وَجْهِكَ.
ومحمد بن عمر هو الواقدي ، كذبه الشافعي وأحمد والنسائي وغيرهم ، وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث . ينظر : “تهذيب التهذيب” (9 /326) .

– ورواه البيهقي في “الدلائل” (1/105) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّهُ … ؛ فذكره بنحو مما سبق . وهذا مرسل .
– ورواه أبو نعيم في “الدلائل” (ص133) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: ” كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَحْسَنَ رَجُلٍ رُؤِيَ قَطُّ ، خَرَجَ يَوْمًا عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ مُجْتَمِعَاتٍ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَيَّتُكُنَّ تَتَزَوَّجُ بِهَذَا الْفَتَى ، فَتَصْطَبُّ النُّورَ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِنِّي أَرَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا ، فَتَزَوَّجَتْهُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَجْأَةً ، فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “
وهذا مرسل أيضا ، ولعل في هذه النسخة المطبوعة تصحيفا ، وأن الصواب : ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب ؛ فإن ذلك هو المعروف ، ولا نعرف في شيوخ ابن وهب من اسمه أحمد بن يونس .

والخلاصة :
أن هذا الحديث ضعيف من جميع طرقه ، وأن عامتها واهية لا يستشهد بها فضلا عن أن يحتج بها .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android