0 / 0

سؤال المسلم عن حال قلبه وإيمانه ؟

السؤال: 148209

هل يجوز سؤال المسلمين – عند اللقاء – عن أحوال الإيمان ، أو أحوال القلب ، فبعضهم قال لي : إن هذا من الغيب ولا ينبغي السؤال عنه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

المشروع في حق المسلم أن يتواصى مع من لقيه بالحق من القول والعمل ، والصبر على ذلك ، والدعوة إليه ؛ كما قال الله تعالى : ( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) .
عَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ : ( كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، ثُمَّ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ) . رواه الطبراني في الأوسط (5124) والبيهقي في الشعب (8639) ، وقال الهيثمي في “المجمع” (10/233): ” رجاله رجال الصحيح ” .
قال بلال بن سعد رحمه الله :
” أخٌ لك كلما لقيك ذكَّرك بحظِّك من الله : خيرٌ لك مِن أخٍ كلما لقيك وضع في كفك دينارًا ” انتهى من” حلية الأولياء ” (5/225) .

أما السؤال المذكور عن أحوال القلوب ، وأحوال العبد في إيمانه بربه ، فهذا يخشى على صاحبه أن يكون وسيلة لتزكية نفسه ، أو أن يرائي به السائل أمام الناس : كأنه هو صاحب القلب المؤمن ، والمتقي لله عز وجل على الدوام ، وقد يكون فيه اتهام للمسؤول بالتقصير في حق الله تعالى ؛ أو يحمل المسؤول على التجمل بحاله عند من يسأله ، ونحو ذلك من الآفات .
ولعله لأجل ذلك ، لم نقف على مثل ذلك السؤال في أحوال السلف وأقوالهم ، ولا نعلم أنهم كانوا يسألون عن مثل ذلك .

وأما الحديث المشهور بين الناس عَنِ الْحَارِثِ بن مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ ، ،أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ ؟ قَالَ : أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا ، فَقَالَ : انْظُرْ مَا تَقُولُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ ؟ فَقَالَ : قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لِيَلِي ، وَاطْمَأَنَّ نَهَارِي ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا . فَقَالَ : يَا حَارِثُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ . ثَلاثًا .
فهذا الحديث رواه الطبراني في ” المعجم الكبير ” (3/266) وهو حديث ضعيف لا يصح .
قال العقيلي رحمه الله : ” ليس لهذا الحديث إسناد يثبت ” انتهى من” الضعفاء الكبير ” (4/455) .
وقال ابن تيمية رحمه الله : ” وروى مسندا من وجه ضعيف لا يثبت ” انتهى من”الاستقامة” (1/194) .

وعلى هذا ، فينبغي العدول عن مثل هذا السؤال ، الذي قد يترتب عليه بعض المفاسد ، وليكتف المسلم بالسؤال عن حال أخيه عموماً .
فيقول له : كيف حالك ؟ وكيف أصبحت ؟ ونحو ذلك .
وقد ورد مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنت ؟ قالت : أنا جثامة المزنية . فقال : بل أنتِ حسانة المزنية ، كيف كنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف أنت بعدنا ؟ قالت : بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! فلما خرجَت قلتُ : يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال . فقال : إنها كانت تأتينا زمن خديجة ، وإنَّ حسن العهد من الإيمان ) رواه الحاكم في ” المستدرك ” (1/62) وحسنه الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (رقم/216).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android